رغم عِظم وجمال نعيم الجنة وتنوعه، وما يحدثه من إبهار لأهلها، حيث يرون ما لا يتوقعونه ولا يخطر على بالهم؛ إلا أن هناك نعيماً أكبر من كل ذلك، وهو رضى الله تعالى عن أهلها، كما قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، وفي الحديث: (إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة ! فيقولون: لبّيك ربَّنَا وسعْدَيك ! فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: ما لنا لا نرضى، وقد أعطيتنا ما لم تُعْطِ أحدًا من خلقك؟ فيقول: أنا أعطيكم أفضلَ من ذلك. قالوا: يا ربّ، وأيُّ شيء أفضل من ذلك! قال: أحِلّ عليكم رضوَاني، فلا أسخط عليكم بعده أبدًا) متفق عليه.
إلا أن الأمر الأعجب أن هذا الأمر العظيم الجليل وهو رضى الله تعالى يناله أناساً وهم لا زالوا في الدنيا وليسوا بأنبياء، أولئك هم المهاجرون والأنصار، لكن مما تقشعر منه الجلود وتدمع منه الأعين أن رضى الله تعالى يمكن أن نناله نحن الذين لم نحظ بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). فنسأل الله بفضله وكرمه أن يجعلنا ممن يتبع الصحابة بإحسان حتى الممات لنحظَى برضى ربنا ومولانا العزيز الغفار.