لا تعليق
صحيح أن الرجال يبحثون عن زوجة مليحة الوجه، ناعسة العينين، ممشوقة القوام، لكن أكثرهم لا يلتفتون إلى تلك الصفات الجسدية ما لم تتوج بالأنوثة، التي تُبرز تلك الصفات وتزيدها جاذبية. بل قد تجد زوجاً مغرماً بزوجته رغم أنها لا تمتلك من جمال الصفات الجسدية الكثير، وإنما أحبها بسبب طغيان أنوثتها، وهو ما قد يُعبّر عنه بـ (سِحر الأنوثة).
كثيرٌ من شعوب وعظماء العالم يَعزُون مصدر (سحر الأنوثة) إلى حياء المرأة، فالمثل الياباني يقول: “يكاد حياء المرأة أن يكون أشد جاذبية من جمالها”، ويقول المثل الهندي: ” زينة المرأة حياؤها”، أما الفيلسوف الأوروبي الشهير (آدم سميث) فيقول ” الحياء عند المرأة فضيلة كبرى”، ويشاطره الشاعر الروسي (بوشكين) الرأي، فيقول ” جمال بلا حياء وردة بلا عطر”.
وأصدق من كل هذا وأجمل، ما ورد في أحاديث النبي r من دعوة إلى التحلي بخلق الحياء، فمنها قوله: (إن الله حييٌ سِتيِر، يُحب الحياء والستر)، قال ابن القيم: “من وافق الله في صفة من صفاته، قادته تلك الصفة إليه بزمامها، وأدخلته على ربه، وأدنته وقربته من رحمته، وصيّرته محبوباً له“.
ومنها قوله r : (إن لكل دينٍ خلقاً، وإن خلق الإسلام الحياء)، وقوله: (الحياء خير كله)، وقوله: (الحياء من الإيمان).
فمتى تحلّت المرأة بالحياء، أشرقت أنوثتها فتجلت في رقة طبعها، وانخفاض صوتها، والرفق في مشيتها، وغض بصرها، وبُعدها عن مخالطة الرجال الأجانب.
ومن تأمل حال كثيرٍ من المسلمات -ومنهن بعض المحتشمات في اللباس- يلحظ تفريطهن في صفة الأنوثة التي هي تاج المرأة.
فمن سمع حديثَ واحدة منهن مع الباعة مثلاً وتبسطها معهم، ظنَّ أنها تخاطب أحد محارمها، وإذا كانت أمهات المؤمنات منهيات عن الخضوع في القول مع الأجانب، فمن باب أولى أن يُنهى غيرهن، قال الله تعالى: (يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسۡتُنَّ كَأَحَدٖ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيۡتُنَّۚ فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِ فَيَطۡمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلۡبِهِۦ مَرَضٞ وَقُلۡنَ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا)، قال المفسرون: أي: لا تلِنَّ بالكلام، وقالوا: لاتخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها.
وكذلك من شاهد وقوف إحداهن مع السائق الأجنبي مثلاً، وقُربَها منه، تصوّر أنه محرمٌ لها، ومن رأى هيئة مشيتها في الأسواق والطرقات حسِبها رجلاً، قال العلماء عند قول الله تعالى (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ) إنما استحيت لأنها كانت تخاطب من لم يكن محرماً. وقيل: ماشية على بُعد، مائلة عن الرجال.
ولعل كثرة الخروج وكثرة التعامل مع الرجال قد تسبب في ذلك، فقد قيل: “كثرة المساس تُقلل أو تُفقد الإحساس”. ومن الأمثال الروسية قولهم “تصبح بلا رائحة تلك الزهرة التي تشمها كل الأنوف”.
5 نشرت في موقع ( لها أون لاين) بتاريخ 21/6/1440
لا تعليق