(أفعلُها .. وأتوب !)

عندما يريد بعض المسلمين اقتراف ذنب فإنهم ينوون فعله مرة واحدة فقط ثم يتوبون منه، كما قال إخوة يوسف عليه السلام (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ)، فقد أضمروا التوبة قبل الذنب، كما أنهم نسوا مآلات وعواقب ذنبهم على أخيهم؛ حيث بِيع وهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، وتعرض لفتنة مراودة امرأة العزيز له، وألُقي في السجن بضع سنين.

ومن أمثلة ما يفعله بعض المسلمين الآن، ويهونونه على أنفسهم بعبارة (جرّب لمرة واحدة):

شاب يخوض مغامرة محرمة مع فتاة وينوي أن يتوب بعدها، ولكنه لا يدري ما سيحدث للفتاة من بلايا بسببه، وهل سيُوفق هو لتوبة نصوح بعدها أم يستمر في إغواء فتاة أخرى.

ورجل يدخل في صفقة مالية محرمة وينوي أن يتوب بعدها، ولا يدري هل سيتوب أم تغريه المكاسب المحرمة فيستمر. ورجل آخر يمنع خيراً عمّن حوله أو يسوق لهم شراً، ولا يتخيل حجم صنيعه وكم سيستمر أثره السيىء …

إن تفكر وتأمل الإنسان في مآلات ذنبه قبل ارتكابه، وهل سيوفّق إلى توبة بعدها أم يُحرم منها؛ من أقوى الموانع والصوارف عن فعل الذنب عند الهمِّ به، فربما تبقى آثار ذنبه زمناً وتضر خَلقاً، ففعله يشبه سقوط أول قطع (الدومينو) الذي يعقبه توالي سقوط ما بعدها، وقد قال الله تعالى ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾، قال ابن كثير: “أي يَصِيرُ عَلَيْهِمْ خَطِيئَةُ ضَلَالِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَخَطِيئَةُ إِغْوَائِهِمْ لِغَيْرِهِمْ وَاقْتِدَاءِ أُولَئِكَ بِهِمْ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مثلُ آثَامِ مَنِ اتَّبَعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ من آثامهم شيئًا“، كما أن مرتكب الذنب قد لا يوفق لتوبة نصوح، إما بسبب استمرائه للذنب واستمراره فيه، أو لهجوم الموت عليه فجأة، أو غير ذلك،  ولهذا قيل: “ترك الذنب أيسر من طلب التوبة“.

15 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *