حالك مع المدعوين

دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مبنية على الرحمة بالخلق والرفق بهم والخوف عليهم، قال الله تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).

وقد كان الأنبياء عليهم صلوات الله ورحمته يدعون أقوامهم، فلا يلقون منهم إلا كل صدٍّ وتكذيب واستهزاء ، ولم يمنعهم ذلك من الرفق بهم والخوف عليهم من عذاب الله تعالى.

فهذا نوح عليه السلام يقول لقومه : ( إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم)

وهذا إبراهيم عليه السلام يقول لأبيه ( إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن)

وهذا شعيب عليه السلام يقول لقومه : ( إني أخاف عليكم عذاب يوم محيط)

 وهذا هود عليه السلام يقول لقومه : (إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم)

فمن دعا بدعوة الرسل ولم يقتفِ طريقتهم في الرحمة والشفقة بالمدعوين؛ فقد خالف هديهم، ومن خالف هديهم لم يكتب له القبول، بل كان صاداً عن الدين بغلظته وترفعه. وقد خاطب الله تعالى خير خلقه وحبيبه صلى الله عليه وسلم بقوله: (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) ، فهكذا سيكون حال الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم لو كان فظاً، فكيف سيكون حالهم مع من هو دونه!! 

يقول السعدي رحمه الله عند هذه الآية : “فالأخلاق الحسنة من الرئيس في الدين، تجذب الناس إلى دين الله، وترغبهم فيه، مع ما لصاحبه من المدح والثواب الخاص. والأخلاق السيئة من الرئيس في الدين تنفر الناس عن الدين، وتبغضهم إليه، مع ما لصاحبها من الذم والعقاب الخاص. فهذا الرسول المعصوم يقول الله له ما يقول، فكيف بغيره؟! أليس من أوجب الواجبات، وأهم المهمات، الاقتداء بأخلاقه الكريمة، ومعاملة الناس بما يعاملهم به صلى الله عليه وسلم، من اللين وحسن الخلق والتأليف، امتثالا لأمر الله، وجذبا لعباد الله لدين الله“.

فمن دعا بدعوة الرسل ولم يسلك مسلكهم في اللين وتحمل أذى الخلق، بل خاصمهم وانتقصهم وترفع عليهم، فقد دعا  إلى نفسه، وانتصر لحظوظها، وهو يظن أنه ينتصر لدين الله وشرعه.

14 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *