(ضَحِكٌ بحضرةِ الموت!)
دخل أربعةُ أشخاصٍ المسجدَ للصلاةِ على متوفى وتعزيةِ أقاربِه، وبعد تعزيتهم جلسوا في الصفِّ الذي خلفهم يتبادلون الحديث، ثم تعالت ضحكاتُهم وكأنهم في بيت أحدِهم. استغرب واستهجن الكثير ضحكهم، وأثارت حالتهم التساؤلات التالية:
ألا تشعرون برهبة الموقف .. أيها الضاحكون بحضرة الموت؟
فعلى بُعدِ أمتارٍ منكم رجالٌ قد جاءهم قبل سويعات ملَكُ الموتِ؛ فصرعهم وقبضَ أرواحهم، وقد كانوا قبل ذلك يُحادِثون صديقاً، ويُضاحِكون ولداً، ويُسامرون زوجة، وهاهم الآن أجساداً هامدة، ممدّدة أمامكم، ثم هم بعد ساعةٍ سيلاقون فتنة عظيمة تعوّذ منها الأنبياء عليهم السلام والصالحون، وهي فتنة القبر، ولا يدرون ما الله صانع بهم.
لقد كان حال السلف الصالح في مثل هذا الموقف عكسَ حالِكم تماماً: قال أسيد بن حضير رضي الله عنه: “ما شهدت جنازة فحدثتني نفسي بشيء سوى ما هو مفعولٌ به، وما هو صائرٌ إليه“، وقال الأعمش: “كنا نشهد الجنائز فلا ندري مَن نُعزي لحزن الجميع“، وقال ثابت البناني: “كنا نشهد الجنائز فلا نرى إلا مُقنّعًا باكيًا“، بل حتى مَن لم يُعرف عنه كثير صلاحٍ، كانت الجنائز توقظه وتهز كيانه، قال أبو عمرو بن العلاء: “جلست إلى جرير وهو يُملي على كاتبه شعراً، فأطّلعت جنازة، فأمسك، وقال: شيبتني والله هذه الجنائز“.
أيها الضاحكون! هل استشعرتم أن الـمُسَجّين أمامكم قد قامت قيامتهم، وينتظرون الثواب أو العقاب؟ نعم، القيامة التي يتخوّف منها الصالحون قبل غيرهم، قال المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: “أيها الناس! إنكم تقولون: القيامة، القيامة، وإنه مَن مات فقد قامت قيامتُه“.
أيها الضاحكون! هل تفكرتم في جنائزكم أنتم غداً، عندما تكونون في نفس موقف الموتى الذين أمامكم؟
أيها الضاحكون! إذا لم تنفعكم هذه الذكرى، فلا أقل من أن تستحيوا من أقارب الميت الذين يتلقون التعازي بجواركم، وقلوبهم تعتصر ألماً، ودموعهم تسيل حزناً على أحبابهم الذين فقدوهم، وفي نفس الوقت يسمعون أصواتكم، وتصلهم ضحكاتكم!!
فقليلاً من الحياء إذا لم يكن في قلوبكم قليلٌ من المرؤة والوفاء.
أكثروا من ذكر هادم اللذات
اللهم أحسن ختامنا وإياكم
وأيقضنا من رقاد الغفلة
احسنت وسلمت يداك
اللهم آمين
ثبتنا يا رب على دينك حتى نلقاك
ماشاءالله .. مقال رائع ومحسوس ..
هناك مواقف نشاهدها ونحضرها كما ذكرت كثيره ومؤلمه .
نسمع ضحكات وكأن الأمر لايرتبط بمكان يحمل من المعنى الأليم والمفجع .
الضحكات التي تكون بمحلها نراها تستنزف ماهو بداخلنا تفريج عن أشياء لايظهرها غير أن نضحك ليتوسع القفص الصدري .
الضحك له مكانه وموقفه ووقته وليس بالضحك الفاحش ..
كلامك جميل ورائع …. سلم فكرك وقلمك
تعليق موفق يثري المقال
يالله حسن الخاتمة ولا تحرمنا شيئين
١- شهادة ان لا اله الا الله ومحمدا رسول الله
٢- آيت الكرسي بين الفرضين
اللهم آمين
نعم
من مات فقد قامت قيامته
اللهم احسن خاتمتنا وأجرنا من عذاب جهنم وعذاب القبر🤲
أوجزت الذكرى وأبلغت الموعظة
فاللهم انفعنا🤲
جزاكم الله خير
تقبل الله دعواتكم الطيبة