(ميتٌ يمشي على الأرض !)

بعد أن تحدث معه وقتاً حول التضليل والتجهيل الإعلامي، سأله: ما اسمك؟ قال: ماجد. فقال له: ما شاء الله! ما أكثر العظماء المسمّين بماجد!. فرح بكلامه وقال: مِثلُ مَن؟ قال: مثل (ماجد عبدالباقي) وهو من أشهر مفسري القرآن، وكذلك (ماجد أبو الوفاء) من كبار علماء الحديث. فانفرجت أساريره وفرح أكثر، وقال: ومثل مَن أيضاً؟. قال: ومثل اللاعب والمهاجم الخطير (ماجد حسن). فأوقفه وقال مستغرباً: لحظة! لا يوجد لاعب اسمه (ماجد حسن)، أعرف اللاعبين جيداً حتى القدامى!. ابتسم صاحبنا وردّ قائلاً: صحيح، ولا يوجد كذلك علماء بالاسمين اللذين ذكرت لك، لكن أردت أن أعطيك مثالاً حيًّا حول موضوعنا، وكيف يمكن قبول معلومات مغلوطة وتمريرها على الناس متى ما كانوا يجهلون ما تتحدث عنه. 

 

عندما ابتعد كثير من المسلمين عن تلقي العلم من مصادره الموثوقة، استغل المفسدون جهلهم بدينهم وتاريخهم وحقيقة الأحداث من حولهم؛ فأغرقوهم بسيل جارف من المعلومات المضللة والمغلوطة، فغيّروا أفكارهم، ومواقفهم، وسلوكهم. فمن ذلك:

قالوا لهم: إن الدين في المسجد فقط. ولأنهم لا يعلمون ولا يقرؤون صدّقوا، فلم يُحكِّموا الدين في أنفسهم وبيوتهم.

وقالوا لهم: إن كثيراً من المحرمات جائزة، ولكن حرّمها المتشددون. ولأنهم لا يعلمون ولا يقرؤون صدّقوا، فارتكبوا المحرمات.

وقالوا لهم: إن الدين للجميع ويعرف أحكامه الجميع، فلا نحتاج إلى علماء. ولأنهم لا يعلمون ولا يقرؤون صدّقوا، فأخذوا الفتاوى من كل أحدٍ إلا العلماء.!

وقالوا لهم: إن هؤلاء هم أعداؤنا، وهؤلاء هم أصدقاؤنا. ولأنهم لا يعلمون ولا يقرؤون صدّقوا، فعادَوا إخوانهم، وأحبوا أعداءهم.

 

ليس عيباً أن يجهل الإنسان أمراً ما، لكن العيب أن يرضى بجهله، والأسوأ أن يرى أنه ليس بجاهل، وأسوأ من ذلك كله أن يكابر فيرد الحق إذا جاءه. قال ابن تيمية: “من لم يعلم الحق فهو جاهل جهلاً بسيطاً، فإن اعتقد خلافه فهو جاهل جهلاً مركباً“. ومن الأمثال العالمية: “من يُقِر بجهله يُظهره مرة واحدة، ومن يُحاول إخفاءه يُظهره عدة مرات“. فالواجب أن يسأل المرء أهل العلم الثقاة عمّا يجهله، قال الله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، وفي الحديث (شِفَاء العِيِّ السؤال) رواه أبو داود، والعِيّ الجهل.

ختاماً .. كم هو مؤلم أن تجد أناساً قد حازوا الشهادات الأكاديمية والمكانة الرفيعة، ولكنهم لا يعرفون عن جمال دينهم وعدل أحكامه إلا النزر اليسير، ولا يعرفون عن تاريخ أمتهم إلا أقل القليل، والأكثر إيلاماً أن تراهم -بسبب ذلك- قد سلّموا عقولهم لغيرهم يذهبون بهم يميناً وشمالاً في أودية الجهل والضلال، فجعلوهم أمواتاً وهم ما زالوا يمشون على الأرض، كما قيل:

وَفي الجَهلِ قَبلَ المَوتِ مَوتٌ لِأَهلِهِ                        وَأَجسادُهُم قَبلَ القُبورِ قُبورُ

16 تعليقات

  • شكرا لك ابامحمد وكما قيل الجاهل اول مايقتل نفسه التي بين جنبيه والمشي والركض مع من طبل وزمر بدون تفكر فيما تقول وتفعل خطأ كبير منك ايها العاقل فانت محسوب فالمجتمع فوق فعليك الحذر الحذر من هولاء …

  • ليس عيباً أن يجهل الإنسان أمراً ما، لكن العيب أن يرضى بجهله، والأسوأ أن يرى أنه ليس بجاهل، وأسوأ من ذلك كله أن يكابر فيرد الحق إذا جاءه.

    كلمات تكتب بماء من ذهب يا ايو محمد

  • بسم الله الرحمن الرحيم
    كان مدخل جميل ومشوق ومثلي مثل بقية الإخوان المعلقين صدقت هذه الأسماء ماجد عبدالباقي ههههه
    وكلام جميل ومع الأسف كل من هب ودب وضع المصحف الشريف أمامه او بعض كتب الحديث ثم بدا في نشر الكلام الجميل والمتفق عليه ثم بعد ذلك يبدأ دس السم بالعسل حتى وصل ان كشر عن انيابه وبدأ بوصف علماء الأمة ك ابن تيمية والبخاري وابن باز وغيرهم ويعارض اقولهم
    وكثير من عامة المتابعين يركب الموجه
    ثم يضيع بين هؤلاء المضلين
    مع العلم والحمد لله هناك نماذج مضيئه ولها تأثير قوي في نشر المنهج السليم الصافي والمتابعين والحمد لله كثر لكن الواجب تكثيف الجهود
    إذن
    واجب على أئمة المساجد والمعلمين في المدارس
    توعية الناس عن خطر هؤلاء وإنتاج برامج بطرق عصرية مشوقه ل محاربة هذا الخطر والتحذير منه

    وجزاك الله كل خير يا ابو محمد
    وبارك في جهودك

  • بارك الله فيكم
    موضوع مهم للغاية
    ويمكن ادراج مظاهر كثيرة تمت هذا العنوان والتحدث عن اثاره الكارثية على الامة بعمومها وعلى دين وامانة وتدين الشخص لا بل حتى على مستوى حياته الشخصية والاجتماعية .

    المؤلم ان الانسان الجاهل او صاحب الهوى الذي لم يعمل ما يساعده على التحقق من صحة المعلومات التي تؤثر عليه . قد يبني عليها اعمال ومواقف يوالي ويعادي ويباهل عليها بل وينفق الاموال فيها،وربما قطع رحمه، او يناصر عدو الدين ضد مخالفه.

  • يا سلام عليك يا ابا محمد.
    جميل اسلوبك في الوصول للمعنى والهدف المراد وصوله حقيقة يدرس.👌👏👏👏👏

  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الفاضل حفضكم الله ورعاكم وغفر الله لنا ولكم ولوالدينا ووالديكم والمسلمين أجمعين الذين شهدوا له بالوحدانية ولرسوله بالرسالة وماتوا على ذلك بارك الله في علمكم وجهودكم حقا أن من يعيش حياته يحمل على عاتقه هم الدعوة إلى الله ونفع الناس والعمل على بيان ما أمرنا الله به ألا وهو دين الله ملة إبراهيم ورسالة خير البرية محمد التي أرسله الله بها رحمة للعالمين فهم يسيرون على نهج الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام فهم ورثة الأنبياء والرسل وهم من الفائزين يوم القيامة

  • مدخل خطير رائع مقنع يا أبا محمد.
    أنا صدقتك ((ماجد عبدالباقي وماجد أبو الوفاء)) لأني أثق فيك وأعرف جهلي بعظماء الأمة
    ويبدو هذا مدخل في التضليل وهو غرس الثقة فيمن لا يستحقها ونزعها من أهلها عبر فنون التضليل.
    نسأل الله العلم النافع والعمل الصالح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *