مُدَوّنة منصور بن محمد المقرن

12 تعليقات

لا تستسلِم .. أيّها الـمُعلِم !

من عجائب عصرنا أنك لا تجد شخصاً ووظيفة أعلى شأناً، وأعظم أثراً، وأكثر نفعاً من المعلم ووظيفته، وفي الوقت نفسه تجد حملات التشكيك في دوره ومكانته، بل وإشغاله عن مهامه. والأعجب أن الذي يقوم بهذه الأعمال المشينة ضده ليس أراذل الناس، ولا أعداء المجتمع فحسب، بل بعض من يُفترض أن ينصروه ويساندوه من المثقفين وأهل الرأي وجهات التوجيه. ويصدق على المعلمين الآن ما قاله الإمام أحمد: (فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم).

من أجل ذلك، كان لزاماً على كل حريص على تميّز أولاده، وصلاح مجتمعه، وعلوِّ أمته ألا يقف متفرجاً أمام هذه الحالة، بل يذب عن المعلمين والمعلمات، وينشر محاسنهم، ويُبرز دورهم، ويوجه رسائل حب وامتنان لكل معلم يلقاه، ولكل مربٍ يراه. قال السعدي عن معلم الخير: (فحقه على الناس حق المحسنين، ولا إحسان أعظم وأنفع من إحسان من يرشد الناس لأمر دينهم، ويعلمهم ما جهلوا، وينبههم لما عنه غفلوا)، ثم قال: (فمن كان هذا إحسانه وأثره، كيف لا يجب على كل مسلم محبته وتوقيره والقيام بحقوقه).

فيا معلم الخير، ومشعل النور، وفخرنا وعزنا! (والخطاب متوجه أيضاً لمعلمات الخير)

نعلمُ أنك تعاني وتتألم ممن تـنتظر منهم أن يساندوك ويدعموك، ونشعر بحزنك بسبب ما يقوله مبغضوك، ويضيق صدرك مما يفعله شانؤك؛ لكي تغفل عن مهمتك الجليلة، وتنشغل عن وظيفتك النبيلة. فلا تجعلهم – أيدك الله- يُوقفوا أثرك وأجرك، ولا تتركهم يُفسدوا نيتك وقصدك.

فمن لنا نحن الآباء إن ابتعدت عن أولادنا! ومن لأولادنا إن تخليت عن تعليمهم وتربيتهم! ومن للمجتمع إن انصرفت عن إصلاحه!

أتتركنا لأنصاف المعلمين الذين لا يحملون همّ تعليم ولا تربية ؟ أم تتركنا لجهود المفسدين التي جعلت الفضيلة عيباً، والجهل فخرا؟

نسألك بالله تعالى، ونناشدك بدينك وأمانتك، ومرؤتك وشهامتك، ألاّ تنسحب من الساحة، وألا تترك الميدان.

أتُراك لو كنت في صحراء قاحلة ووجدت طفلا جائعاً، أو صبياً مريضاً، أ


و رجلاً تائهاً، أكنت تاركهم بلا غوث ولا عون؟ حاشاك. ألا فاعلم – وأنت المعلم- أن وظيفتك وأثرك ودورك معنا ومع أولادنا وفي مجتمعنا أعظم حاجة من أولئك.

مُعلمنا الـمُبجل .. لا يخفى عليك حديث الرجل الذي دخل الجنة بسبب غصن شوك أزاله عن طريق المسلمين حتى لا يؤذيهم، فبالله عليك، ما عسى غصن شوك أن يؤلم، وما عسى ألمه أن يستمر ؟ فكيف بحال من لا يُزيل غصن شوك عن طريق المسلمين بل يُزيل ما هو أعظم وأدوم ضرراً: يُزيل عنهم ظلمة الجهل ومُضلات الفتن.

ختاما أيها المعلم النبيل! إن كنت تحتاج سنداً وركناً تأوي إليه ليستمر عطاؤك الجميل، وتقاوم أمواج التخذيل، فإن معك الله جل جلاله، حيٌّ لا يموت، فعّال لما يُريد، وهو سبحانه الذي رفع قدرك، وأعلى في العالمين منزلتك، ولهذا فإن من رفعك لا يرضى أن تنزل، ومن أعلاك لا يحب أن تهبط (وَلا تَهِنُوا ولا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأعْلَوْن).

من كان فوق محلِّ الشمسِ موضعه                                             فليس يرفعه شيءٌ ولا يضع

—————————————–

المقال على قناة التليجرام:

https://t.me/mafahiem

12 تعليقات

لا توجد أراء حول “لا تستسلِم .. أيّها الـمُعلِم !”
  1. ذُكِرَ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم رجُلانِ؛ أحدهما عابدٌ، والآخَرُ عالِمٌ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: فضلُ العالمِ على العابدِ كفضلي على أدناكم ثمَّ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ إنَّ اللَّهَ وملائِكتَهُ وأَهلَ السَّماواتِ والأرضِ حتَّى النَّملةَ في جُحرِها وحتَّى الحوتَ ليصلُّونَ على معلِّمِ النَّاسِ الخيرَ

    فأنتم ياحملة مشاعل الهداية بلا شك ولاريب من ” معلمي الناس الخبر”، فنسأل الله ان يعلي قدركم ويقبل عملكم ويوسع رزقكم ويبارك لكم ويحسن خاتمتكم .

    جزاكم الله خير على هذا المقال الذي ذكرنا بفضل هؤلاء المصلحين.

  2. ‏” من أجمل مفاجآت يوم القيامة أن يأتي ثباتك يجر معه جبال حسنات لم تعمل لها، لكنها من آثار من اقتدوا بك وأنت صامت!
    ثباتك بطاقة دعوة توزعها على المارة بلا حرف، ومحاضرة بلا صوت!
    أخبروا الثابتين أن رسالتهم وصلت، رأيناهم فتقوينا، وكان ذلك وقودنا إلى الله ” (م)

  3. جزاك الله خيرا وبارك فيك أصبت كبد الحقيقة حفظك الله ورعاك ونفعك ونفع بك 🌹💐

  4. ماشاء الله لقد ابدعت ووفيت الموضوع حقه وذلك بضرب الامثله التي قربت اهمية الموضوع واصل والله معك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *