(لا تكن قاروناً !)
ما تقولون -أيها السادة- في رجلٍ يرى أناساً عطشى، فيُقرِّب إليهم ماء البحر، ويرى آخرين جوعى، فيريهم لذائذ طعام لا يستطيعون تناولها؟، أي صفةٍ تصفونه بها، وأي خُلقٍ تنسبونه إليه؟.
هذا الصنيع – بل أسوأ منه – هو ما يفعله بعض مشاهير التواصل الأغنياء، ومُدّعي الغِنى؛ عندما يَعرِضون ترفهم وزينتهم على الناس، وفيهم الفقير والمحروم والمتعلق بالدنيا. كيف غيّر هؤلاء قيم المجتمع فصبغوها بالمادية! وكيف أفسدوا على الناس حياتهم، فتأففت الزوجة من حال زوجها، والفتاة من وضع أبيها، والشاب من وظيفته وراتبه، بل دفعوا الكثير إلى السعي لتحصيل المال بطرق غير مشروعة طلباً لمجاراتهم.
قد يقول أحد هؤلاء المترفين: ولماذا يتابعني أولئك إذا كانت مشاهدتهم لثرائي تضرهم؟. فيقال: وهل يحق لفتاة متبرجة قد أظهرت مفاتنها للناس أن تقول: لماذا ينظر الناس إليّ؟ أو يحق لشاب متعطر بأقوى العطور، يـمر على مرضى تضرهم رائحة عطره أن يقول: لماذا يشمّون شذا عطري؟
ويقال لهم أيضاً: أنتم تعلمون علم اليقين الأثر السيء لمقاطعكم على كثير من الناس، فأين تقواكم وخشيتكم من الله تعالى؟ وأين رحمتكم بإخوانكم وأنتم تُظهرون أنكم ترحمون المحتاجين، وفي الحديث (مَن لا يَرحَمْ، لا يُرحَمْ) متفق عليه. أهكذا يكون شكركم لنعمة الله عليكم؟، فبدل أن تسخروا أموالكم لإسعاد الناس وتخفيف معاناتهم سخرتموها لعكس ذلك!.
ألا تخافون أن تكونوا ممن يُريدون علواً في الأرض؟، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “إن الرجلَ ليُعجبه من شِراك نعله أن يكون أجود من شِراك نعل صاحبه، فيدخل في قوله تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا)”.
وقد يقول قائل من مشاهير التواصل من المترفين: أني أفعل ذلك لإظهار نعمة ربي عليّ، (وَأَمَّا بِنعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)، فيقال له: إن اظهار نعمة الله عليك تكون بإظهار صدقاتك ونفعك للناس مخلصاً لله تعالى بذلك، ليقتدي بك الموسرون، (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ)، كما لا يكون التحديث بالنعمة سبباً لكسر قلوب الناس، قال أحد السلف وهو عمرو بن قيس: “كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ صَبِيَّه الشَّيْءَ فَيَخْرُجَ بِهِ، فَيَرَاهُ الْمِسْكِينُ فَيَبْكِي عَلَى أَهْلِهِ، وَيَرَاهُ الْيَتِيمُ فَيَبْكِي عَلَى أَهْلِهِ“.
إن افتخار مشاهير المترفين بغناهم ومباهاتهم بأموالهم، يُشبه إلى حدٍ كبير افتخار صاحب البستان الواردة قصته في سورة الكهف، عندما قال لصاحبه: (أَنَا أَكثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرا)، كما يُشبه فعل هؤلاء فِعل قارون حينما (خَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ)، فتأثر بمظهره أقوام فقالوا: (يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).
فلا تكن قاروناً، فتُفسِد أقواماً ودوراً.
ما شاء الله .
بهذا الوصف الحيّ : عبارة وعبرة ، وهذا الاستدلال الواعي : أمثلة وأحوالاً واقعيّة مع الإشارة للآثار السلبيّة ، واستحضار النّص : كتاباً وسنّة .
بالوصف المشار إليه ، وبالاستدلال والاستحضار تستيقظ النفوس من غفلتها ( بإذن الله )ويسلم المجتمع من آفات المغرورين .
سلمت يمينك يا أبا محمّد .
تتألّق – كما هو العهد بك -.
شكر الله لك شيخي تفضلك بالقراءة والإثراء.
لا حرمنا الله نفعك
المشاهير ثلاث اقسام :
مشاهير التفاهة وهم الذين تعنيهم ،”قارونيتهم” التي تحدثت عنها هي أقل مخازيهم ، رسالتهم هدم القيم ومرجعيتها في سلوك المجتمع.وهم من يجب أن يُحذر منهم بالعموم ومن رسالتهم ، كسر قلوب الفقراء والمحتاجين ليست من اهتماماتهم ولا تعنيهم ،
القسم الثاني : أصحاب رسالة إيجابية تحمل قيم. ومعاني
القسم الثالث: مشاهير أصحاب أعمال ولديهم التزام اخلاقي فيما يعرضون.
كفى الله المجتمع ضررهم
وردهم إليه، وأيقظهم من غفلتهم
للعطاء لذة و سعادة اما التفاخر فهو طريق للكبر المذموم
بوركت ابا محمد على هذة المقالات المفيدة
جميل جدا ..
وهذا الذي يفتقده الذين أشار لهم المقال
إنها شهوة الفخر بالمال والممتلكات لا يكبح جماحها الا خشية الله ومراقبته والإقرار بنعمه وفضله،،،
بوركت ووفقت على هذا التعليق
(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا)”.
اللهم إجعلنا منهم
اللهم آمين