لا تعليق
رغم التقدم العلمي والتقني المبهر للدول الغربية إلا أنه يقابله لديهم انهيار في المنظومة الأخلاقية بل والفطرية ؛ وليس أظهر الأدلة على ذلك تفشي الفواحش فحسب، بل انتشار الشذوذ الجنسي، بل سنّ التشريعات لحمايته، وأعظم من ذلك دعوتهم – بشكل مباشر أو عن طريق الهيئات الدولية- للحكومات والشعوب الأخرى لاقتفاء أثرهم وتقليدهم، مستخدمين في ذلك نفوذهم السياسي، وقوتهم الاقتصادية، وسيطرتهم الإعلامية.
وللتدليل على ذلك، فقد صدر عن (لجنة مركز المرأة) التابعة لهيئة الأمم المتحدة بيان تحت عنوان “القضاء على العنف والتمييز ضد المثليات، والمثليين، ومزدوجي الميل الجنسي، ومغايري النوع الاجتماعي، وثنائيي الجنس“(رابط البيان: http://www.unhcr-arabic.org/560a66926.pdf). ويتضمن البيان مطالب وكالات هيئة الأمم المتحدة من الدول تجاه الشرائح الواردة في عنوان البيان.
وقبل استعراض أبرز تلك المطالب؛ يحسن توضيح المقصود من المفردات الواردة في عنوان البيان، لكونها قد تخفى وتلتبس على الكثير:
فالمقصود من مفردة (المثليات): أي النساء السحاقيات. أما (المثليون) فهم الرجال الذين لديهم ميل جنسي لنظرائهم من الرجال. و (مزدوجو الميل الجنسي) هم الذين لديهم ميل جنسي لكلا الجنسين. أما (مغايرو النوع الاجتماعي) فالمقصود بهم الرجال الذين يُحوِّلون أنفسهم إلى نساء، والنساء اللاتي يُحوِّلن أنفسهن إلى رجال، و (ثنائيو الجنس) هم من تجتمع فيهم أعضاء الذكورة والأنوثة.
والآن، لنستعرض أبرز ما ورد في البيان من مطالب:
- أوجب البيان على الدول حماية تلك الشرائح من العنف والتعذيب وسوء المعاملة من خلال التحقيق، ومحاكمة من يقوم بذلك، وكذلك إدراج مجرد كراهيتهم ضمن القوانين المناهضة للكراهية.
- طالب البيان الدول بإلغاء ووقف تطبيق القوانين التي تُجرم السلوك الجنسي المثلي بالتراضي بين الطرفين، والقوانين التي تُجرم مغايري النوع الاجتماعي على أساس تعبيرهم عن جنسهم، وأي قوانين أخرى تُستخدم لاعتقال أو معاقبة تلك الشرائح.
- انتقد البيان (76) بلداً لا تزال تُجرم العلاقات بين الأفراد من نفس الجنس والتي تتم بالتراضي بين البالغين.
- انتقد البيان التمييز ضد تلك الشرائح في مجال التعليم والرعاية الصحية والسكن وغيرها، وطالب بضمان الاعتراف القانوني بالهوية الجنسانية لمغايري النوع الاجتماعي.
- طالب البيان بإشراك تلك الشرائح في وضع وتطبيق ومتابعة القوانين والسياسات التي تؤثر عليهم.
- عبّر البيان عن دعم ومساعدة منظمات هيئة الأمم المتحدة للدول الأعضاء على تغيير دساتيرها وأنظمتها القانونية والتعليم وغيرها من أجل حماية تلك الشرائح.
بقي هنا عرض عدد من التعليقات على البيان آنف الذكر:
- شارك في إعداد البيان – بالإضافة إلى (لجنة مركز المرأة) – أكثر من (10) منظمات متنوعة التخصصات تابعة لهيئة الأمم المتحدة، منها: منظمة الصحة العالمية، واليونيسكو، ومنظمة العمل الدولية، واليونيسيف. مما يضفي على البيان مزيد قوة، ويجعل مقتضياته وآثاره تغطي مختلف نواحي الحياة وليست قضايا المرأة فحسب.
- في صياغة البيان عبارات استعلاء واستطالة على حكومات الدول التي لا تعطي الشاذين والشاذات ما يعتبره البيان حقوقاً لهم، وفي ذلك تجاوز وقفز على ديانات وثقافات الشعوب، وسيادة الدول.
- لم يتبنَ البيان والمطالب التي فيه -على غرابتها-مجموعة من الشاذين والشاذات؛ بل رؤساء دول عظمى، مما يجعل الدعوة إلى مخالفة الشرائع السماوية والعقول السويّة مطالب دول وحكومات وليس أفراد أو جماعات، وهنا تكمن الخطورة حال الضغط والإلزام بها.
- إذا كانت الدول العظمى تطالب بقية الدول -وبقوة-بالسماح بالشذوذ ورعايته مع مخالفته الواضحة البيّنة للشرائع والفِطر السليمة؛ فكيف يكون حجم القوة التي تستخدمها الدول العظمى عند المطالبة بقضايا حساسيتها لدى شعوب الدول أقل من ذلك بكثير؟ وهنا تتضح نظرة الدول الكبرى لغيرها، ومدى البون الشاسع بين ما تُعلنه من تأييد للديموقراطيات وحرية الشعوب وبين ما تطالب بفرضه على الشعوب التي تستضعفها.
- وافقت غالبية الدول على مطالب البيان، ولم تتحفظ عليه سوى دولتين أو ثلاث، وهذا التحفظ يُظهر اعتزاز تلك الدول بقيمها وثقافتها ودساتيرها، واحترامها لمواطنيها، ولعل البرلمانات والمؤسسات المدنية في الدول العربية والإسلامية التي وقعت على البيان تتحرك في اتجاه التنصل والانسحاب من هذه الاتفاقية ونحوها والتي تصادم دين وثقافة شعوبها، وتضعف نسيجها الاجتماعي، وتفسد قيم وسلوك أفرادها.
[1] نُشر – أول ما نشر – بتاريخ 3/1/1437 بعنوان (بيان لجنة المرأة .. مطالب صادمة) ، ثم أعيد نشره بتاريخ 17/5/1443 بهذا العنوان وبإضافات .
لا تعليق